الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد الاقتصاد التونسي بين مفكي صرافة العملة الصعبة وتجارة سبائك الذهب

نشر في  22 ماي 2018  (12:09)

 تتالت مؤخرا في تونس محاولات تهريب الذهب والعملة الصعبة من تونس إلى ليبيا، تصدت لها الوحدات الديوانية المنتشرة بالتراب التونسي وصولا إلى المعابر الحدودية أهمها رأس جدير ببن قردان البوابة الأكثر إستقبالا للوافدين من ليبيا أو القاصدين إليها.

التهريب يمر وجوبا عبر تونس لماذا؟

تعيش ليبيا منذ سنوات في وضع أمني وسياسي غير مستقر نتاج صراعات داخلية أتاحت الفرصة لدخول تنظيم داعش الإٍهابي بمناطق معينة بالتراب الليبي بعضها قريب من الحدود التونسية من جهة بن قردان التابعة لولاية مدنين.

وأمام هذه المتغيرات، بات الوضع الإجتماعي في ليبيا صعبا مما دفع بمسؤولين ببعض القطاعات الى اعتماد سياسة خلاص المرتبات نقدا عوض التنزيل في البنوك مخافة السرقة أو التفجيرات.

كل هذه العوامل مع خسارة الدينار الليبي لقيمته المالية بـ3 نقاط على الأقل منذ الثورة كانت كافية ليفقد المواطن الليبي الثقة في المصارف ويتوجه مضطرا إلى تهريب أمواله إلى تونس وإستبدالها بالذهب والعملة الصعبة، حيث تبدأ أولى المراحل في العملية بتغيير العملة الليبية لدى الصرافة ببن قردان ثم التوجه إلى السوق السوداء بالعاصمة تونس لإشتراء الذهب والعملة الصعبة ومحاولة تهريبها إلى ليبيا دون التصريح بها.

وتعد تونس دولة نشيطة في هذا المجال غير القانوني ووجهة كل من يرغب في إقتناء الذهب والعملة الصعبة لسببين الأول يتعلق بوجود أشخاص في تونس محترفين في ذلك وثانيا لغياب قانون يجرم مثل هذه الممارسات.

قانون دون قيود...

حسب وزارة المالية "يمكن توريد عملة أجنبية دون تحديد في المبلغ إذا كان المبلغ المورد بالعملة الأجنبية يساوي أو يفوق ما يعادل عشرة آلاف (10.000) دينار تونسي، يتعين التصريح به لمصالح الديوانة عند الدخول"، ويعد هذا القانون مفتوحا أو كما يسميه أهل القطاع "قانون دون قيود" حيث يمكن القادم إلى تونس من إدخال عملة صعبة نقدا بعد التصريح بها لدى الديوانة دون إجباره على تنزيلها في البنك وهو ما يجعل صاحبها قادرا على إستغلالها في كل الأمور دون أن يترك اي وثائق للمحاسبة أو متابعة بخصوص كيفية التصرف في المبلغ.

قانون يستغله محترفو بيع وشراء العملة في تونس لعدم وجود اي فرض لدفع الضريبة على المبلغ المصرح به أو السجن في صورة إخفائه لعدم التصريح وهو ما يجعل السوق في تونس مجالا لإستقطاب أثرياء ليبيا الذين يفضلون اليوم شراء العملة الصعبة وإخفائها بمكان بعيد عن السرقة وهي وسيلة إحتياطية في ظل غياب الإستقرار الأمني.

أما بالنسبة لسبائك الذهب، يغيب في تونس قانون ينظم عملية إستغلال الذهب غير المطبوع أو كما يسميه الصاغة بالذهب "المكسر"، وهو ما يدفع بالليبيين إلى شرائه من الأسواق التونسية وبيعه إلى عدد من الصاغة ليقوموا بدورهم بتذويبه وبيعه مجددا إلى طالبيه.

وعلم موقع الجمهورية أن القانون سابقا كان يسمح للصاغة بشراء الذهب غير المطبوع وإتمام إجراءات معينة ومحددة لطبعه وإدخاله في منظومة بيع الذهب إلا أنه وبإلغاء بيع وشراء يواصل عدد من الصاغة الإلتفاف على القانون وإستغلال رفعة الطلب على هذه النوع الذي يباع في شكل سبائك لعدد من الليبيين الذين يحاولون تهريبه بكل الطرق.

الجانب الرسمي..

أفاد الناطق الرسمي بإسم الإدارة العامة للديوانة العميد هيثم الزناد أن وجود مسالك موازية في تصريف العملة وتحويل الذهب يضر مباشرة بالدولة التي وضعت مسلكا قانونيا يمكن مورد العملة من إدخالها وذلك عبر تنزيلها في المصارف القانونية اي البنوك.

واشار العميد الزناد أن الدولة تسعى إلى رفع مخزونها من العملة الصعبة ذلك عن طريق جلب الإستثمار وتنمية السياحة والتشجيع على التصدير وفي المقابل تسخر جميع إمكانياتها للتصدي للممارسات غير القانونية مضيفا إلى أن الحرس الديواني تمكنت بين 2017 و2018 من إحباط تهريب 138 كلغ من سبائك الذهب و6.3 مليون دينار من العملة الأجنبية.

وبين غياب القوانين وتعقيدات قانون الصرف وإزدهار تجارة التهريب تعمل جميع المصالح الأمنية والعسكرية والديوانية على التصدي لهذه الظاهرة في إنتظار تنقيح القوانين لحماية الإقتصاد الوطني.

نعيمة خليصة